ادامه نامه...
وَقَالَ: دَعُوا رَفْعَ أَیْدِیکُمْ فِی الصَّلَاةِ إِلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً حِینَ تُفْتَتَحُ الصَّلَاةُ؛ فَإِنَّ النَّاسَ قَدْ شَهَرُوکُمْ بِذلِکَ، (( وَ اللَّهُ الْمُسْتَعانُ ))، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ.
وَقَالَ: أَکْثِرُوا مِنْ أَنْ تَدْعُوا اللَّهَ؛ فَإِنَّ اللَّهَ یُحِبُّ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِینَ أَنْ یَدْعُوهُ، وَقَدْ وَعَدَ اللَّهُ عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِینَ بِالِاسْتِجَابَةِ، وَاللَّهُ مُصَیِّرٌ دُعَاءَ الْمُؤْمِنِینَ یَوْمَ الْقِیَامَةِ لَهُمْ عَمَلًا یَزِیدُهُمْ بِهِ فِی الْجَنَّةِ.
فَأَکْثِرُوا ذِکْرَ اللَّهِ مَا اسْتَطَعْتُمْ فِی کُلِّ سَاعَةٍ مِنْ سَاعَاتِ اللَّیْلِ وَالنَّهَارِ؛ فَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ بِکَثْرَةِ الذِّکْرِ لَهُ، وَاللَّهُ ذَاکِرٌ لِمَنْ ذَکَرَهُ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ، وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ لَمْ یَذْکُرْهُ أَحَدٌ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِینَ إِلَّا ذَکَرَهُ بِخَیْرٍ، فَأَعْطُوا اللَّهَ مِنْ أَنْفُسِکُمُ الِاجْتِهَادَ فِی طَاعَتِهِ؛ فَإِنَّ اللَّهَ لَایُدْرَکُ شَیْءٌ مِنَ الْخَیْرِ عِنْدَهُ إِلَّا بِطَاعَتِهِ وَاجْتِنَابِ مَحَارِمِهِ، الَّتِی حَرَّمَ اللَّهُ فِی ظَاهِرِ الْقُرْآنِ وَبَاطِنِهِ؛ فَإِنَّ اللَّهَ- تَبَارَکَ وَتَعَالى- قَالَ فِی کِتَابِهِ وَقَوْلُهُ الْحَقُّ (( وَ ذَرُوا ظاهِرَ الْإِثْمِ وَ باطِنَهُ. ))
وَاعْلَمُوا أَنَّ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ تَجْتَنِبُوهُ فَقَدْ حَرَّمَهُ، وَاتَّبِعُوا آثَارَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله علیه و آله وَسُنَّتَهُ، فَخُذُوا بِهَا، وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَکُمْ وَآرَاءَکُمْ فَتَضِلُّوا؛ فَإِنَّ أَضَلَّ النَّاسِ عِنْدَ اللَّهِ مَنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ وَرَأْیَهُ بِغَیْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ.
وَأَحْسِنُوا إِلى أَنْفُسِکُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ، (( إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِکُمْ وَ إِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها ))، وَجَامِلُوا النَّاسَ، وَلَا تَحْمِلُوهُمْ عَلى رِقَابِکُمْ تَجْمَعُوا مَعَ ذلِکَ طَاعَةَ رَبِّکُمْ.
وَإِیَّاکُمْ وَسَبَ أَعْدَاءِ اللَّهِ حَیْثُ یَسْمَعُونَکُمْ، (( فَیَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَیْرِ عِلْمٍ،)) وَقَدْ یَنْبَغِی لَکُمْ أَنْ تَعْلَمُوا حَدَّ سَبِّهِمْ لِلَّهِ کَیْفَ هُوَ، إِنَّهُ مَنْ سَبَّ أَوْلِیَاءَ اللَّهِ، فَقَدِ انْتَهَکَ سَبَّ اللَّهِ، وَمَنْ أَظْلَمُ عِنْدَ اللَّهِ مِمَّنِ اسْتَسَبَّ لِلَّهِ وَلِأَوْلِیَائِهِ، فَمَهْلًا مَهْلًا، فَاتَّبِعُوا أَمْرَ اللَّهِ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ.
وَقَالَ: أَیَّتُهَا الْعِصَابَةُ الْحَافِظُ اللَّهُ لَهُمْ أَمْرَهُمْ عَلَیْکُمْ بِآثَارِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله علیه و آله وَسُنَّتِهِ وَآثَارِ الْأَئِمَّةِ الْهُدَاةِ مِنْ أَهْلِ بَیْتِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله علیه و آله مِنْ بَعْدِهِ وَسُنَّتِهِ؛ فَإِنَّهُ مَنْ أَخَذَ بِذلِکَ فَقَدِ اهْتَدى، وَمَنْ تَرَکَ ذلِکَ وَرَغِبَ عَنْهُ ضَلَّ؛ لِأَنَّهُمْ هُمُ الَّذِینَ أَمَرَ اللَّهُ بِطَاعَتِهِمْ وَوَلَایَتِهِمْ، وَقَدْ قَالَ أَبُونَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله علیه و آله:
الْمُدَاوَمَةُ عَلَى الْعَمَلِ فِی اتِّبَاعِ الْآثَارِ وَالسُّنَنِ- وَإِنْ قَلَّ- أَرْضى لِلَّهِ، وَأَنْفَعُ عِنْدَهُ فِی الْعَاقِبَةِ مِنَ الِاجْتِهَادِ فِی الْبِدَعِ وَاتِّبَاعِ الْأَهْوَاءِ، أَلَا إِنَّ اتِّبَاعَ الْأَهْوَاءِ وَاتِّبَاعَ الْبِدَعِ بِغَیْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ ضَلَالٌ، وَکُلُّ ضَلَالَةٍ بِدْعَةٌ، وَکُلُّ بِدْعَةٍ فِی النَّارِ، وَلَنْ یُنَالَ شَیْءٌ مِنَ الْخَیْرِ عِنْدَ اللَّهِ إِلَّا بِطَاعَتِهِ وَالصَّبْرِ وَالرِّضَا؛ لِأَنَّ الصَّبْرَ وَالرِّضَا مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ.
وَاعْلَمُوا أَنَّهُ لَنْ یُؤْمِنَ عَبْدٌ مِنْ عَبِیدِهِ حَتّى یَرْضى عَنِ اللَّهِ فِیمَا صَنَعَ [اللَّهُ] إِلَیْهِ، وَصَنَعَ بِهِ عَلى مَا أَحَبَّ وَکَرِهَ، وَلَنْ یَصْنَعَ اللَّهُ بِمَنْ صَبَرَ وَرَضِیَ عَنِ اللَّهِ إِلَّا مَا هُوَ أَهْلُهُ، وَهُوَ خَیْرٌ لَهُ مِمَّا أَحَبَّ وَکَرِهَ.
وَعَلَیْکُمْ بِالْمُحَافَظَةِ عَلَى (( الصَّلَواتِ وَ الصَّلاةِ الْوُسْطى وَ قُومُوا لِلَّهِ قانِتِینَ ))کَمَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ الْمُؤْمِنِینَ فِی کِتَابِهِ مِنْ قَبْلِکُمْ وَإِیَّاکُمْ.
وَعَلَیْکُمْ بِحُبِّ الْمَسَاکِینِ الْمُسْلِمِینَ؛ فَإِنَّهُ مَنْ حَقَّرَهُمْ، وَتَکَبَّرَ عَلَیْهِمْ، فَقَدْ زَلَّ عَنْ دِینِ اللَّهِ، وَاللَّهُ لَهُ حَاقِرٌ مَاقِتٌ، وَقَدْ قَالَ أَبُونَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله علیه و آله: أَمَرَنِی رَبِّی بِحُبِّ الْمَسَاکِینِ الْمُسْلِمِینَ ، وَاعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ حَقَّرَ أَحَداً مِنَ الْمُسْلِمِینَ، أَلْقَى اللَّهُ عَلَیْهِ الْمَقْتَ مِنْهُ وَالْمَحْقَرَةَ حَتّى یَمْقُتَهُ النَّاسُ، وَاللَّهُ لَهُ أَشَدُّ مَقْتاً، فَاتَّقُوا اللَّهَ فِی إِخْوَانِکُمُ الْمُسْلِمِینَ الْمَسَاکِینِ؛ فَإِنَّ لَهُمْ عَلَیْکُمْ حَقّاً أَنْ تُحِبُّوهُمْ، فَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ رَسُولَهُ صلى الله علیه و آله بِحُبِّهِمْ، فَمَنْ لَمْ یُحِبَّ مَنْ أَمَرَ اللَّهُ بِحُبِّهِ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَمَنْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَاتَ عَلى ذلِکَ مَاتَ وَهُوَ مِنَ الْغَاوِینَ.
وَإِیَّاکُمْ وَالْعَظَمَةَ وَالْکِبْرَ؛ فَإِنَّ الْکِبْرَ رِدَاءُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَمَنْ نَازَعَ اللَّهَ رِدَاءَهُ قَصَمَهُ اللَّهُ وَأَذَلَّهُ یَوْمَ الْقِیَامَةِ.
وَإِیَّاکُمْ أَنْ یَبْغِیَ بَعْضُکُمْ عَلى بَعْضٍ؛ فَإِنَّهَا لَیْسَتْ مِنْ خِصَالِ الصَّالِحِینَ، فَإِنَّهُ مَنْ بَغى صَیَّرَ اللَّهُ بَغْیَهُ عَلى نَفْسِهِ، وَصَارَتْ نُصْرَةُ اللَّهِ لِمَنْ بُغِیَ عَلَیْهِ، وَمَنْ نَصَرَهُ اللَّهُ غَلَبَ، وَأَصَابَ الظَّفَرَ مِنَ اللَّهِ.
وَإِیَّاکُمْ أَنْ یَحْسُدَ بَعْضُکُمْ بَعْضاً؛ فَإِنَّ الْکُفْرَ أَصْلُهُ الْحَسَدُ.
وَإِیَّاکُمْ أَنْ تُعِینُوا عَلى مُسْلِمٍ مَظْلُومٍ، فَیَدْعُوَ اللَّهَ عَلَیْکُمْ، وَیُسْتَجَابَ لَهُ فِیکُمْ؛ فَإِنَّ أَبَانَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله علیه و آله کَانَ یَقُولُ: إِنَّ دَعْوَةَ الْمُسْلِمِ الْمَظْلُومِ مُسْتَجَابَةٌ، وَلْیُعِنْ بَعْضُکُمْ بَعْضاً؛ فَإِنَّ أَبَانَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله علیه و آله کَانَ یَقُولُ: إِنَّ مَعُونَةَ الْمُسْلِمِ خَیْرٌ، وَأَعْظَمُ أَجْراً مِنْ صِیَامِ شَهْرٍ وَاعْتِکَافِهِ فِی الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ.
وَإِیَّاکُمْ وَإِعْسَارَ أَحَدٍ مِنْ إِخْوَانِکُمُ الْمُسْلِمِینَ أَنْ تُعْسِرُوهُ بِالشَّیْءِ یَکُونُ لَکُمْ قِبَلَهُ وَهُوَ مُعْسِرٌ؛ فَإِنَّ أَبَانَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله علیه و آله کَانَ یَقُولُ: لَیْسَ لِمُسْلِمٍ أَنْ یُعْسِرَ مُسْلِماً، وَمَنْ أَنْظَرَ مُعْسِراً أَظَلَّهُ اللَّهُ بِظِلِّهِ یَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ.
وَإِیَّاکُمْ أَیَّتُهَا الْعِصَابَةُ الْمَرْحُومَةُ الْمُفَضَّلَةُ عَلى مَنْ سِوَاهَا، وَحَبْسَ حُقُوقِ اللَّهِ قِبَلَکُمْ یَوْماً بَعْدَ یَوْمٍ، وَسَاعَةً بَعْدَ سَاعَةٍ؛ فَإِنَّهُ مَنْ عَجَّلَ حُقُوقَ اللَّهِ قِبَلَهُ کَانَ اللَّهُ أَقْدَرَ عَلَى التَّعْجِیلِ لَهُ إِلى مُضَاعَفَةِ الْخَیْرِ فِی الْعَاجِلِ وَالْآجِلِ، وَإِنَّهُ مَنْ أَخَّرَ حُقُوقَ اللَّهِ قِبَلَهُ کَانَ اللَّهُ أَقْدَرَ عَلى تَأْخِیرِ رِزْقِهِ، وَمَنْ حَبَسَ اللَّهُ رِزْقَهُ لَمْ یَقْدِرْ أَنْ یَرْزُقَ نَفْسَهُ، فَأَدُّوا إِلَى اللَّهِ حَقَّ مَا رَزَقَکُمْ یُطَیِّبِ [اللَّهُ] لَکُمْ بَقِیَّتَهُ، وَیُنْجِزْ لَکُمْ مَا وَعَدَکُمْ مِنْ مُضَاعَفَتِهِ لَکُمُ الْأَضْعَافَ الْکَثِیرَةَ الَّتِی لَایَعْلَمُ عَدَدَهَا وَلَا کُنْهَ فَضْلِهَا إِلَّا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِینَ.
وَقَالَ: اتَّقُوا اللَّهَ أَیَّتُهَا الْعِصَابَةُ، وَإِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ لَایَکُونَ مِنْکُمْ مُحْرِجُ الْإِمَامِ؛ فَإِنَّ مُحْرِجَ الْإِمَامِ هُوَ الَّذِی یَسْعى بِأَهْلِ الصَّلَاحِ مِنْ أَتْبَاعِ الْإِمَامِ، الْمُسَلِّمِینَ لِفَضْلِهِ، الصَّابِرِینَ عَلَى أَدَاءِ حَقِّهِ، الْعَارِفِینَ بِحُرْمَتِهِ ، وَاعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ نَزَلَ بِذلِکَ الْمَنْزِلِ عِنْدَ الْإِمَامِ فَهُوَ مُحْرِجُ الْإِمَامِ، فَإِذَا فَعَلَ ذلِکَ عِنْدَ الْإِمَامِ أَحْرَجَ الْإِمَامَ إِلى أَنْ یَلْعَنَ أَهْلَ الصَّلَاحِ مِنْ أَتْبَاعِهِ، الْمُسَلِّمِینَ لِفَضْلِهِ، الصَّابِرِینَ عَلى أَدَاءِ حَقِّهِ، الْعَارِفِینَ بِحُرْمَتِهِ، فَإِذَا لَعَنَهُمْ لِإِحْرَاجِ أَعْدَاءِ اللَّهِ الْإِمَامَ صَارَتْ لَعْنَتُهُ رَحْمَةً مِنَ اللَّهِ عَلَیْهِمْ، وَصَارَتِ اللَّعْنَةُ مِنَ اللَّهِ وَمِنَ الْمَلَائِکَةِ وَرُسُلِهِ عَلى أُولئِکَ.
وَاعْلَمُوا أَیَّتُهَا الْعِصَابَةُ أَنَّ السُّنَّةَ مِنَ اللَّهِ قَدْ جَرَتْ فِی الصَّالِحِینَ قَبْلُ.
وَقَالَ: مَنْ سَرَّهُ أَنْ یَلْقَى اللَّهَ وَهُوَ مُؤْمِنٌ حَقّاً حَقّاً، فَلْیَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِینَ آمَنُوا، وَلْیَبْرَأْ إِلَى اللَّهِ مِنْ عَدُوِّهِمْ، وَیُسَلِّمُ لِمَا انْتَهى إِلَیْهِ مِنْ فَضْلِهِمْ؛ لِأَنَّ فَضْلَهُمْ لَایَبْلُغُهُ مَلَکٌ مُقَرَّبٌ وَلَا نَبِیٌّ مُرْسَلٌ وَلَا مَنْ دُونَ ذلِکَ؛ أَ لَمْ تَسْمَعُوا مَا ذَکَرَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِ أَتْبَاعِ الْأَئِمَّةِ الْهُدَاةِ وَهُمُ الْمُؤْمِنُونَ، قَالَ: (( فَأُولئِکَ مَعَ الَّذِینَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَیْهِمْ مِنَ النَّبِیِّینَ وَ الصِّدِّیقِینَ وَ الشُّهَداءِ وَ الصَّالِحِینَ وَ حَسُنَ أُولئِکَ رَفِیقاً. ))
فَهذَا وَجْهٌ مِنْ وُجُوهِ فَضْلِ أَتْبَاعِ الْأَئِمَّةِ، فَکَیْفَ بِهِمْ وَفَضْلِهِمْ؟!
وَمَنْ سَرَّهُ أَنْ یُتِمَّ اللَّهُ لَهُ إِیمَانَهُ حَتّى یَکُونَ مُؤْمِناً حَقّاً حَقّاً، فَلْیَفِ لِلَّهِ بِشُرُوطِهِ الَّتِی اشْتَرَطَهَا عَلَى الْمُؤْمِنِینَ؛ فَإِنَّهُ قَدِ اشْتَرَطَ مَعَ وَلَایَتِهِ وَوَلَایَةِ رَسُولِهِ وَوَلَایَةِ أَئِمَّةِ الْمُؤْمِنِینَ إِقَامَ الصَّلَاةِ، وَإِیتَاءَ الزَّکَاةِ، وَإِقْرَاضَ اللَّهِ قَرْضاً حَسَناً، وَاجْتِنَابَ الْفَوَاحِشِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ، فَلَمْ یَبْقَ شَیْءٌ مِمَّا فُسِّرَ مِمَّا حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا وَقَدْ دَخَلَ فِی جُمْلَةِ قَوْلِهِ: فَمَنْ دَانَ اللَّهَ فِیمَا بَیْنَهُ وَبَیْنَ اللَّهِ مُخْلِصاً لِلَّهِ، وَلَمْ یُرَخِّصْ لِنَفْسِهِ فِی تَرْکِ شَیْءٍ مِنْ هذَا، فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ فِی حِزْبِهِ الْغَالِبِینَ، وَهُوَ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ حَقّاً.
وَإِیَّاکُمْ وَالْإِصْرَارَ عَلى شَیْءٍ مِمَّا حَرَّمَ اللَّهُ فِی ظَهْرِ الْقُرْآنِ وَبَطْنِهِ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالى: (( وَ لَمْ یُصِرُّوا عَلى ما فَعَلُوا وَ هُمْ یَعْلَمُونَ ))- إِلى هاهُنَا رِوَایَةُ قَاسِمِ بْنِ الرَّبِیعِ- یَعْنِی الْمُؤْمِنِینَ قَبْلَکُمْ إِذَا نَسُوا شَیْئاً مِمَّا اشْتَرَطَ اللَّهُ فِی کِتَابِهِ، عَرَفُوا أَنَّهُمْ قَدْ عَصَوُا اللَّهَ فِی تَرْکِهِمْ ذلِکَ الشَّیْءَ، فَاسْتَغْفَرُوا، وَلَمْ یَعُودُوا إِلى تَرْکِهِ، فَذلِکَ مَعْنى قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: (( وَ لَمْ یُصِرُّوا عَلى ما فَعَلُوا وَ هُمْ یَعْلَمُونَ.))
وَاعْلَمُوا أَنَّهُ إِنَّمَا أَمَرَ وَنَهى لِیُطَاعَ فِیمَا أَمَرَ بِهِ، وَلِیُنْتَهى عَمَّا نَهى عَنْهُ، فَمَنِ اتَّبَعَ أَمْرَهُ فَقَدْ أَطَاعَهُ، وَقَدْ أَدْرَکَ کُلَّ شَیْءٍ مِنَ الْخَیْرِ عِنْدَهُ، وَمَنْ لَمْ یَنْتَهِ عَمَّا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ فَقَدْ عَصَاهُ، فَإِنَّ مَنْ مَاتَ عَلى مَعْصِیَتِهِ أَکَبَّهُ اللَّهُ عَلى وَجْهِهِ فِی النَّارِ.
وَاعْلَمُوا أَنَّهُ لَیْسَ بَیْنَ اللَّهِ وَبَیْنَ أَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ مَلَکٌ مُقَرَّبٌ، وَلَا نَبِیٌّ مُرْسَلٌ، وَلَا مَنْ دُونَ ذلِکَ مِنْ خَلْقِهِ کُلِّهِمْ إِلَّا طَاعَتُهُمْ لَهُ، فَخُذُوا فِی طَاعَةِ اللَّهِ إِنْ سَرَّکُمْ أَنْ تَکُونُوا مُؤْمِنِینَ حَقّاً حَقّاً، وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ.
وَقَالَ علیه السلام: وَ عَلَیْکُمْ بِطَاعَةِ رَبِّکُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ؛ فَإِنَّ اللَّهَ رَبُّکُمْ، وَاعْلَمُوا أَنَّ الْإِسْلَا مَ هُوَ التَّسْلِیمُ، وَالتَّسْلِیمَ هُوَ الْإِسْلَامُ، فَمَنْ سَلَّمَ فَقَدْ أَسْلَمَ، وَمَنْ لَمْ یُسَلِّمْ فَلَا إِسْلَامَ لَهُ، وَمَنْ سَرَّهُ أَنْ یُبْلِغَ إِلى نَفْسِهِ فِی الْإِحْسَانِ فَلْیُطِعِ اللَّهَ؛ فَإِنَّهُ مَنْ أَطَاعَ اللَّهَ فَقَدْ أَبْلَغَ إِلى نَفْسِهِ فِی الْإِحْسَانِ.
وَإِیَّاکُمْ وَمَعَاصِیَ اللَّهِ أَنْ تَرْکَبُوهَا؛ فَإِنَّهُ مَنِ انْتَهَکَ مَعَاصِیَ اللَّهِ فَرَکِبَهَا، فَقَدْ أَبْلَغَ فِی الْإِسَاءَةِ إِلى نَفْسِهِ، وَلَیْسَ بَیْنَ الْإِحْسَانِ وَالْإِسَاءَةِ مَنْزِلَةٌ، فَلِأَهْلِ الْإِحْسَانِ عِنْدَ رَبِّهِمُ الْجَنَّةُ، وَلِأَهْلِ الْإِسَاءَةِ عِنْدَ رَبِّهِمُ النَّارُ، فَاعْمَلُوا بِطَاعَةِ اللَّهِ، وَاجْتَنِبُوا مَعَاصِیَهُ، وَاعْلَمُوا أَنَّهُ لَیْسَ یُغْنِی عَنْکُمْ مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِهِ شَیْئاً، لَامَلَکٌ مُقَرَّبٌ، وَلَا نَبِیٌّ مُرْسَلٌ، وَلَا مَنْ دُونَ ذلِکَ، فَمَنْ سَرَّهُ أَنْ تَنْفَعَهُ شَفَاعَةُ الشَّافِعِینَ عِنْدَ اللَّهِ، فَلْیَطْلُبْ إِلَى اللَّهِ أَنْ یَرْضى عَنْهُ، وَاعْلَمُوا أَنَّ أَحَداً مِنْ خَلْقِ اللَّهِ لَمْ یُصِبْ رِضَا اللَّهِ إِلَّا بِطَاعَتِهِ وَطَاعَةِ رَسُولِهِ وَطَاعَةِ وُلَاةِ أَمْرِهِ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ- صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمْ- وَمَعْصِیَتُهُمْ مِنْ مَعْصِیَةِ اللَّهِ، وَلَمْ یُنْکِرْ لَهُمْ فَضْلًا عَظُمَ وَلَا صَغُرَ. وَاعْلَمُوا أَنَّ الْمُنْکِرِینَ هُمُ الْمُکَذِّبُونَ، وَأَنَّ الْمُکَذِّبِینَ هُمُ الْمُنَافِقُونَ، وَأَنَّ اللَّهَ- عَزَّ وَجَلَّ- قَالَ لِلْمُنَافِقِینَ وَقَوْلُهُ الْحَقُّ: (( إِنَّ الْمُنافِقِینَ فِی الدَّرْکِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَ لَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِیراً )) ، وَلَا یَعْرِفَنَ أَحَدٌ مِنْکُمْ أَلْزَمَ اللَّهُ قَلْبَهُ طَاعَتَهُ وَخَشْیَتَهُ مِنْ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ أَخْرَجَهُ اللَّهُ مِنْ صِفَةِ الْحَقِّ، وَلَمْ یَجْعَلْهُ مِنْ أَهْلِهَا؛ فَإِنَّ مَنْ لَمْ یَجْعَلِ اللَّهُ مِنْ أَهْلِ صِفَةِ الْحَقِّ، فَأُولئِکَ هُمْ شَیَاطِینُ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ، وَإِنَّ لِشَیَاطِینِ الْإِنْسِ حِیلَةً وَمَکْراً وَخَدَائِعَ وَوَسْوَسَةَ بَعْضِهِمْ إِلى بَعْضٍ یُرِیدُونَ إِنِ اسْتَطَاعُوا أَنْ یَرُدُّوا أَهْلَ الْحَقِّ عَمَّا أَکْرَمَهُمُ اللَّهُ بِهِ مِنَ النَّظَرِ فِی دِینِ اللَّهِ الَّذِی لَمْ یَجْعَلِ اللَّهُ شَیَاطِینَ الْإِنْسِ مِنْ أَهْلِهِ إِرَادَةَ أَنْ یَسْتَوِیَ أَعْدَاءُ اللَّهِ وَأَهْلُ الْحَقِّ فِی الشَّکِّ وَالْإِنْکَارِ وَالتَّکْذِیبِ، فَیَکُونُونَ سَوَاءً، کَمَا وَصَفَ اللَّهُ تَعَالى فِی کِتَابِهِ مِنْ قَوْلِهِ: (( وَدُّوا لَوْ تَکْفُرُونَ کَما کَفَرُوا فَتَکُونُونَ سَواءً )) ، ثُمَّ نَهَى اللَّهُ أَهْلَ النَّصْرِ بِالْحَقِّ أَنْ یَتَّخِذُوا مِنْ أَعْدَاءِ اللَّهِ وَلِیّاً وَلَا نَصِیراً، فَلَا یُهَوِّلَنَّکُمْ، وَلَا یَرُدَّنَّکُمْ عَنِ النَّصْرِ بِالْحَقِّ الَّذِی خَصَّکُمُ اللَّهُ بِهِ مِنْ حِیلَةِ شَیَاطِینِ الْإِنْسِ وَمَکْرِهِمْ مِنْ أُمُورِکُمْ، تَدْفَعُونَ أَنْتُمُ السَّیِّئَةَ بِالَّتِی هِیَ أَحْسَنُ فِیمَا بَیْنَکُمْ وَبَیْنَهُمْ، تَلْتَمِسُونَ بِذلِکَ وَجْهَ رَبِّکُمْ بِطَاعَتِهِ، وَهُمْ لَاخَیْرَ عِنْدَهُمْ، وَ لَایَحِلُّ لَکُمْ أَنْ تُظْهِرُوهُمْ عَلى أُصُولِ دِینِ اللَّهِ؛ فَإِنَّهُمْ إِنْ سَمِعُوا مِنْکُمْ فِیهِ شَیْئاً عَادَوْکُمْ عَلَیْهِ، وَرَفَعُوهُ عَلَیْکُمْ، وَجَهَدُوا عَلى هَلَاکِکُمْ، وَاسْتَقْبَلُوکُمْ بِمَا تَکْرَهُونَ، وَلَمْ یَکُنْ لَکُمُ النَّصَفُ مِنْهُمْ فِی دُوَلِ الْفُجَّارِ، فَاعْرِفُوا مَنْزِلَتَکُمْ فِیمَا بَیْنَکُمْ وَبَیْنَ أَهْلِ الْبَاطِلِ؛ فَإِنَّهُ لَایَنْبَغِی لِأَهْلِ الْحَقِّ أَنْ یُنْزِلُوا أَنْفُسَهُمْ مَنْزِلَةَ أَهْلِ الْبَاطِلِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ لَمْ یَجْعَلْ أَهْلَ الْحَقِّ عِنْدَهُ بِمَنْزِلَةِ أَهْلِ الْبَاطِلِ؛ أَ لَمْ یَعْرِفُوا وَجْهَ قَوْلِ اللَّهِ فِی کِتَابِهِ إِذْ یَقُولُ: (( أَمْ نَجْعَلُ الَّذِینَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ کَالْمُفْسِدِینَ فِی الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِینَ کَالْفُجَّارِ؟! )) أَکْرِمُوا أَنْفُسَکُمْ عَنْ أَهْلِ الْبَاطِلِ، وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ- تَبَارَکَ وَتَعَالى- وَ (( لَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلى )) ، وَإِمَامَکُمْ وَدِینَکُمُ الَّذِی تَدِینُونَ بِهِ عُرْضَةً لِأَهْلِ الْبَاطِلِ، فَتُغْضِبُوا اللَّهَ عَلَیْکُمْ فَتَهْلِکُوا.
فَمَهْلًا مَهْلًا یَا أَهْلَ الصَّلَاحِ، لَاتَتْرُکُوا أَمْرَ اللَّهِ وَأَمْرَ مَنْ أَمَرَکُمْ بِطَاعَتِهِ، فَیُغَیِّرَ اللَّهُ مَا بِکُمْ مِنْ نِعْمَةٍ، أَحِبُّوا فِی اللَّهِ مَنْ وَصَفَ صِفَتَکُمْ، وَأَبْغِضُوا فِی اللَّهِ مَنْ خَالَفَکُمْ، وَابْذُلُوا مَوَدَّتَکُمْ وَنَصِیحَتَکُمْ لِمَنْ وَصَفَ صِفَتَکُمْ، وَلَا تَبْذُلُوهَا لِمَنْ رَغِبَ عَنْ صِفَتِکُمْ وَعَادَاکُمْ عَلَیْهَا، وَبَغَاکُمُ الْغَوَائِلَ، هذَا أَدَبُنَا وَ أَدَبُ اللَّهِ، فَخُذُوا بِهِ، وَتَفَهَّمُوهُ، وَاعْقِلُوهُ، وَلَا تَنْبِذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِکُمْ، مَا وَافَقَ هُدَاکُمْ أَخَذْتُمْ بِهِ، وَمَا وَافَقَ هَوَاکُمُ اطَّرَحْتُمُوهُ، وَلَمْ تَأْخُذُوا بِهِ.
وَإِیَّاکُمْ وَالتَّجَبُّرَ عَلَى اللَّهِ، وَاعْلَمُوا أَنَّ عَبْداً لَمْ یُبْتَلَ بِالتَّجَبُّرِ عَلَى اللَّهِ إِلَّا تَجَبَّرَ عَلى دِینِ اللَّهِ، فَاسْتَقِیمُوا لِلَّهِ، وَلَا تَرْتَدُّوا عَلى أَعْقَابِکُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِینَ، أَجَارَنَا اللَّهُ وَإِیَّاکُمْ مِنَ التَّجَبُّرِ عَلَى اللَّهِ، وَلَا قُوَّةَ لَنَا وَ لَکُمْ إِلَّا بِاللَّهِ.
وَقَالَ علیه السلام: إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا کَانَ خَلَقَهُ اللَّهُ فِی الْأَصْلِ- أَصْلِ الْخَلْقِ- مُؤْمِناً لَمْ یَمُتْ حَتّى یُکَرِّهَ اللَّهُ إِلَیْهِ الشَّرَّ، وَیُبَاعِدَهُ مِنْهُ، وَمَنْ کَرَّهَ اللَّهُ إِلَیْهِ الشَّرَّ، وَبَاعَدَهُ عَنْهُ، عَافَاهُ اللَّهُ مِنَ الْکِبْرِ أَنْ یَدْخُلَهُ وَالْجَبْرِیَّةِ، فَلَانَتْ عَرِیکَتُهُ، وَحَسُنَ خُلُقُهُ، وَطَلُقَ وَجْهُهُ، وَصَارَ عَلَیْهِ وَقَارُ الْإِسْلَامِ وَسَکِینَتُهُ وَتَخَشُّعُهُ، وَوَرِعَ عَنْ مَحَارِمِ اللَّهِ، وَاجْتَنَبَ مَسَاخِطَهُ، وَرَزَقَهُ اللَّهُ مَوَدَّةَ النَّاسِ وَمُجَامَلَتَهُمْ، وَتَرْکَ مُقَاطَعَةِ النَّاسِ وَالْخُصُومَاتِ، وَلَمْ یَکُنْ مِنْهَا وَلَا مِنْ أَهْلِهَا فِی شَیْءٍ، وَإِنَّ الْعَبْدَ إِذَا کَانَ اللَّهُ خَلَقَهُ فِی الْأَصْلِ- أَصْلِ الْخَلْقِ- کَافِراً لَمْ یَمُتْ حَتّى یُحَبِّبَ اللَّهُ إِلَیْهِ الشَّرَّ، وَیُقَرِّبَهُ مِنْهُ، فَإِذَا حَبَّبَ إِلَیْهِ الشَّرَّ، وَقَرَّبَهُ مِنْهُ، ابْتُلِیَ بِالْکِبْرِ وَالْجَبْرِیَّةِ، فَقَسَا قَلْبُهُ، وَسَاءَ خُلُقُهُ، وَغَلُظَ وَجْهُهُ، وَظَهَرَ فُحْشُهُ، وَقَلَّ حَیَاؤُهُ، وَکَشَفَ اللَّهُ سِتْرَهُ، وَرَکِبَ الْمَحَارِمَ، فَلَمْ یَنْزِعْ عَنْهَا، وَرَکِبَ مَعَاصِیَ اللَّهِ، وَأَبْغَضَ طَاعَتَهُ وَأَهْلَهَا، فَبُعْدٌ مَا بَیْنَ حَالِ الْمُؤْمِنِ وَحَالِ الْکَافِرِ، سَلُوا اللَّهَ الْعَافِیَةَ، وَاطْلُبُوهَا إِلَیْهِ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ.
صَبِّرُوا النَّفْسَ عَلَى الْبَلَاءِ فِی الدُّنْیَا؛ فَإِنَّ تَتَابُعَ الْبَلَاءِ فِیهَا، وَالشِّدَّةَ فِی طَاعَةِ اللَّهِ وَوَلَایَتِهِ وَوَلَایَةِ مَنْ أَمَرَ بِوَلَایَتِهِ خَیْرٌ عَاقِبَةً عِنْدَ اللَّهِ فِی الْآخِرَةِ مِنْ مُلْکِ الدُّنْیَا، وَإِنْ طَالَ تَتَابُعُ نَعِیمِهَا وَزَهْرَتِهَا وَغَضَارَةُ عَیْشِهَا فِی مَعْصِیَةِ اللَّهِ وَوَلَایَةِ مَنْ نَهَى اللَّهُ عَنْ وَلَایَتِهِ وَطَاعَتِهِ؛ فَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ بِوَلَایَةِ الْأَئِمَّةِ الَّذِینَ سَمَّاهُمُ اللَّهُ فِی کِتَابِهِ فِی قَوْلِهِ: (( وَ جَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً یَهْدُونَ بِأَمْرِنا )) ، وَهُمُ الَّذِینَ أَمَرَ اللَّهُ بِوَلَایَتِهِمْ وَطَاعَتِهِمْ، وَالَّذِینَ نَهَى اللَّهُ عَنْ وَلَایَتِهِمْ وَطَاعَتِهِمْ، وَ هُمْ أَئِمَّةُ الضَّلَالَةِ الَّذِینَ قَضَى اللَّهُ أَنْ یَکُونَ لَهُمْ دُوَلٌ فِی الدُّنْیَا عَلى أَوْلِیَاءِ اللَّهِ، الْأَئِمَّةِ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ، یَعْمَلُونَ فِی دُولَتِهِمْ بِمَعْصِیَةِ اللَّهِ وَمَعْصِیَةِ رَسُولِهِ صلى الله علیه و آله، لِیَحِقَّ اللَّهُ عَلَیْهِمْ کَلِمَةُ الْعَذَابِ، وَلِیَتِمَّ أَنْ تَکُونُوا مَعَ نَبِیِّ اللَّهِ مُحَمَّدٍ صلى الله علیه و آله وَالرُّسُلِ مِنْ قَبْلِهِ، فَتَدَبَّرُوا مَا قَصَّ اللَّهُ عَلَیْکُمْ فِی کِتَابِهِ مِمَّا ابْتَلى بِهِ أَنْبِیَاءَهُ وَأَتْبَاعَهُمُ الْمُؤْمِنِینَ، ثُمَّ سَلُوا اللَّهَ أَنْ یُعْطِیَکُمُ الصَّبْرَ عَلَى الْبَلَاءِ فِی السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ، وَالشِّدَّةِ وَالرَّخَاءِ مِثْلَ الَّذِی أَعْطَاهُمْ.
وَإِیَّاکُمْ وَمُمَاظَّةَ أَهْلِ الْبَاطِلِ، وَعَلَیْکُمْ بِهُدَى الصَّالِحِینَ، وَوَقَارِهِمْ وَسَکِینَتِهِمْ وَحِلْمِهِمْ وَتَخَشُّعِهِمْ، وَوَرَعِهِمْ عَنْ مَحَارِمِ اللَّهِ، وَصِدْقِهِمْ وَوَفَائِهِمْ، وَاجْتِهَادِهِمْ لِلَّهِ فِی الْعَمَلِ بِطَاعَتِهِ؛ فَإِنَّکُمْ إِنْ لَمْ تَفْعَلُوا ذلِکَ لَمْ تُنْزَلُوا عِنْدَ رَبِّکُمْ مَنْزِلَةَ الصَّالِحِینَ قَبْلَکُمْ، وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ إِذَا أَرَادَ بِعَبْدٍ خَیْراً شَرَحَ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ، فَإِذَا أَعْطَاهُ ذلِکَ نَطَقَ لِسَانُهُ بِالْحَقِّ، وَعَقَدَ قَلْبَهُ عَلَیْهِ، فَعَمِلَ بِهِ، فَإِذَا جَمَعَ اللَّهُ لَهُ ذلِکَ تَمَّ لَهُ إِسْلَا مُهُ، وَکَانَ عِنْدَ اللَّهِ إِنْ مَاتَ عَلى ذلِکَ الْحَالِ مِنَ الْمُسْلِمِینَ حَقّاً، وَإِذَا لَمْ یُرِدِ اللَّهُ بِعَبْدٍ خَیْراً وَکَلَهُ إِلى نَفْسِهِ، وَکَانَ صَدْرُهُ ضَیِّقاً حَرَجاً، فَإِنْ جَرى عَلى لِسَانِهِ حَقٌّ لَمْ یُعْقَدْ قَلْبُهُ عَلَیْهِ، وَإِذَا لَمْ یُعْقَدْ قَلْبُهُ عَلَیْهِ لَمْ یُعْطِهِ اللَّهُ الْعَمَلَ بِهِ، فَإِذَا اجْتَمَعَ ذلِکَ عَلَیْهِ حَتّى یَمُوتَ- وَهُوَ عَلى تِلْکَ الْحَالِ- کَانَ عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الْمُنَافِقِینَ، وَصَارَ مَا جَرى عَلى لِسَانِهِ مِنَ الْحَقِّ الَّذِی لَمْ یُعْطِهِ اللَّهُ أَنْ یُعْقَدَ قَلْبُهُ عَلَیْهِ، وَلَمْ یُعْطِهِ الْعَمَلَ بِهِ حُجَّةً عَلَیْهِ ، فَاتَّقُوا اللَّهَ، وَسَلُوهُ أَنْ یَشْرَحَ صُدُورَکُمْ لِلْإِسْلَامِ، وَأَنْ یَجْعَلَ أَلْسِنَتَکُمْ تَنْطِقُ بِالْحَقِّ، حَتّى یَتَوَفَّاکُمْ وَأَنْتُمْ عَلى ذلِکَ، وَأَنْ یَجْعَلَ مُنْقَلَبَکُمْ مُنْقَلَبَ الصَّالِحِینَ قَبْلَکُمْ، وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِینَ.
وَمَنْ سَرَّهُ أَنْ یَعْلَمَ أَنَّ اللَّهَ یُحِبُّهُ، فَلْیَعْمَلْ بِطَاعَةِ اللَّهِ، وَلْیَتَّبِعْنَا؛ أَ لَمْ تَسْمَعْ قَوْلَ اللَّهِ- عَزَّ وَجَلَّ- لِنَبِیِّهِ صلى الله علیه و آله: (( قُلْ إِنْ کُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِی یُحْبِبْکُمُ اللَّهُ وَ یَغْفِرْ لَکُمْ ذُنُوبَکُمْ )) ، وَاللَّهِ لَایُطِیعُ اللَّهَ عَبْدٌ أَبَداً إِلَّا أَدْخَلَ اللَّهُ عَلَیْهِ فِی طَاعَتِهِ اتِّبَاعَنَا، وَلَا وَاللَّهِ لَایَتَّبِعُنَا عَبْدٌ أَبَداً إِلَّا أَحَبَّهُ اللَّهُ، وَلَا وَاللَّهِ لَا یَدَعُ أَحَدٌ اتِّبَاعَنَا أَبَداً إِلَّا أَبْغَضَنَا، وَلَا وَاللَّهِ لَایُبْغِضُنَا أَحَدٌ أَبَداً إِلَّا عَصَى اللَّهَ، وَمَنْ مَاتَ عَاصِیاً لِلَّهِ أَخْزَاهُ اللَّهُ، وَأَکَبَّهُ عَلى وَجْهِهِ فِی النَّارِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِینَ.
[ پنج شنبه 92/12/22 ] [ 12:7 عصر ] [ فتیان ]